الاثنين، 3 أغسطس 2009

بوكو حرام.. دم المسلمين حلال!

صار الدم الإسلامي حلالاً.. الغرب الذي يدَّعي المدنية والتحضر يقتل المسلمين بلا رحمةٍ ولا هوادة.. عملاؤه يفعلون الشيء نفسه.. المبررات والتسويغات جاهزة دائمة، لا يوجد هناك قلق ما، مهما تعددت المذابح ووصلت إلى حدِّ الإبادة، فالمسلم يرفع لافتةَ الإدانة التي تقضي بموته دون ثمن، ودون أن يبكي عليه أحد، إنه يرفع لافتة الإسلام، وهذه أم الخطايا الكبرى التي تحلل دمه، وتجعل جثته ملقاةً في عرض الطريق لأيامٍ تأكل منها الطيور الجارحة والكلاب الشاردة والوحوش الضارية.

أرأيتم جثث المسلمين الملقاة في الشوارع بشمال نيجيريا، وتنقلها عدسات التصوير الغربية بدمٍ بارد؟ لقد أطلقوا على أصحابها طالبان نيجيريا، وكل طالبان يستحق القتل لأنهم ظلاميون معادون للحضارة الغربية الرقيقة التي لا تعرف غير سفك الدماء الإسلامية والهنود الحمر.

بوكو حرام جماعة تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في نيجيريا المسلمة التي يزيد عدد المسلمين فيها عن 90%، ولكن الغرب وعملاءه يرفضون تطبيق الشريعة ويعدونها ظلاميةً وتخلفًا وبداوةً ورجعيةً، ولذا قرروا تصفية جماعة بوكو حرام- أي تعاليم الغرب حرام- وتم اقتحام مسجدهم والقبض على زعمائهم وتصفيتهم في المعتقل وهم في قبضة البوليس وتحت حمايته كما يفترض القانون، ولكن أجهزة الدعاية الغربية، وتوابعها في بلاد المسلمين تتلمظ فرحًا ونشوةً بقتل الظلاميين الإسلاميين، دون أن يحتج المسلمون ولا دولهم العرمرم، ولا مؤتمرهم الإسلامي، ولا جامعتهم العربية العريقة، ولا منظماتهم الكثيرة، ولأن القتل في المفهوم الاستعماري الصليبي هو الشريعة الحلال التي تنهي مشكلات الأمة الإسلامية التعيسة!

الرئيس الأمريكي المتحضر أوباما الذي يتفاءل به المخلفون من الأعراب أشاد بالفلبين رئيسةً وجيشًا في مكافحة الإرهاب؛ يقصد قتل المسلمين في جنوب الفلبين الذين يبحثون عن حريتهم وكرامتهم واستقلالهم وإنسانيتهم، ولكنه ينتفض من أجل المعارضة في ميانيمار وزعيمة المعارضة، ويصدر البيانات الملتهبة، وتتبعه جمعيات حقوق الإنسان التي تواليه وتمولها المؤسسة الاستعمارية الصليبية، والسر بسيط، فزعيمة المعارضة والمعارضة في ميانيمار لا يمتان بصلةٍ إلى الإسلام.

قبل أسابيع بدأت مذابح المسلمين على يد القوات الصينية لأن مسلمي التركستان الغربية كانوا يحتجون سلميًّا على أوضاعهم السيئة، وذهب المئات شهداء بإذن الله، ولكن القوى المدنية المتحضرة لم تنطق بكلمة من أجل الضحايا، أو من أجل حقوق الإنسان، بينما هاجت الدنيا وماجت من أجل سكان التبت، وما جرى فيها وتمت مؤازرة الثائرين من أهل التبت وأعلنت تهديدات من أهل التمدن والتحضر الغربي الصليبي بمعاقبة الصين ووقف التفاوض أو التفاهم معها، بل وصل الأمر إلى حد التهديد بالمقاطعة الاقتصادية، أما مسلمو الإيجور الصينيين أو التركستانيين، فلم يذكرهم أحد، وتم تصويرهم بالمتمردين في وسائل الإعلام الغربية المتمدنة!

ولم يتوقف الأمر عند ذبح مئات المسلمين الصينيين من أهل تركستان الغربية، بل تجاوزه إلى اختفاء الآلاف دون أن يعرف أحد أين ذهبوا وأين اختفوا، فقد أكدت مصادر إيجورية أن قرابة 10 آلاف شخص اختفوا في ليلةٍ واحدة خلال صدامات المسلمين الإيجور في أورومتشي عاصمة إقليم التركستان مع سلطات الاحتلال الصينية، التي بدأت منذ نحو شهر؛ مما دفع زعماء الإيجور في المنفى إلى المطالبة بالتحقيق الدولي في هذا الاختفاء، وأسباب المذابح.

وقد طالبت الزعيمة الإيجورية في المنفى ربيعة قدير المجتمع الدولي بإرسال فريق تحقيق مستقل إلى مكان أعمال الشغب لكشف تفاصيل الحوادث التي اندلعت بين أقلية الإيجور المسلمين والأغلبية من قومية الهان، وشككت قدير في صحة تلك الأرقام الرسمية التي تحدثت عن مقتل 192 شخصًا، ونفت بشدة أن تكون حرضت على أعمال الشغب، وأضافت في مؤتمر صحفي في طوكيو أن "العشرة آلاف شخص تقريبًا الذين شاركوا في الاحتجاج اختفوا من أورومتشي في ليلة واحدة"، وتابعت "إذا كانوا لقوا حتفهم فأين جثثهم، وإذا كانوا احتجزوا فأين هم؟".

الصين تتجول في قرى مصر ونجوعها من خلال بنات الصين اللاتي يحملن حقائب مملوءة ببضائع الصين من أقمشة وملابس وأدوات منزلية وغيرها، والمصريون يشترون منهم، وتعود البنات محملات بالعملة الصعبة، والهدايا اللطيفة، بعد الاستمتاع بالجو اللذيذ في مصر المسلمة التي يقتل الحزب الشيوعي الحاكم أشقاءها المسلمين الإيجور، أو يخفي جثثهم إلى حيث لا يعلم أحد، والحكومة المصرية لا تتكلم ولا تنطق، ومثلها بقية دول العالم العربي والإسلامي.

الصين تبث على القمر الاصطناعي المصري (نايل سات) قناةً صينيةً ناطقة بالعربية، تقدم صورة مضيئة لشعب الصين الذي لوثت يداه دماء المسلمين، ولكن القناة الصينية العربية تقول غير ذلك، وتتحدث عن نضال الزعيم ماو تسي تونج ضد الإنجليز والأفيون، ولكنها لا تتحدث عن امتهانه وإذلاله للمسلمين التركستان الذين شاركوا في حرب الاستقلال وكان جزاؤهم عند الحزب الشيوعي الصيني المناضل التقدمي أن حرَّم عليهم الإسلام بعد أن دفن الآلاف منهم بسبب "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، هل تعلمون أيها القراء ماذا يفعلون بمسلمي الصين؟

تُعد معاداة الإسلام جزءًا من السياسة الرسمية في الصين ويعامل المسلمون بوصفهم مواطنين من الدرجة الثانية، ويمنعون من الصلاة وتغلق المساجد في وجوههم، وخاصةً في مدينة أورومتشي كبرى مدن التركستان، ويضيق الحزب الصيني القائد على الحريات الدينية للمسلمين ويفرض غرامة مالية قدرها 630 دولارًا أمريكيًّا على مَن ترتدي الحجاب من نساء الإيجور، وتتشكل أغلبية النساء المحجبات في المنطقة من ساكنات القرى، ومن المعروف أن الدخل السنوي للإيجور لا يزيد عن 500 دولار في العام، وتجبر الحكومة الناس على التوقيع على تعهد بعنوان "لا أذهب إلى أداء فريضة الحج" ويلجأ المسلمون إلى كهوف تحت الأرض لتعليم أولادهم القرآن، ويكون مصير الأستاذ الذي يُعلِّم القرآن القتل أو السجن، كما كشفت التقرير الرسمي لمنظمة العفو الدولية التابعة للأمم المتحدة، الذي صدر مؤخرًا أن الصين نفَّذت عددًا قياسيًّا من عمليات الإعدام العام الماضي في حملتها ضد المسلمين.

الصين التقدمية التي لم يجرؤ مسئول عربي أن يقول لقادتها: لا يجوز قتل المسلمين وقمعهم، وعاملوهم كما تعاملون أهل التبت على الأقل، تقوم الآن ببناء سدود على روافد نهر النيل في دول الجنوب لمنع تدفق النيل إلى مصر والسودان، بل قامت ببناء سد ضخم على نهرٍ في إثيوبيا يحتجز تسعة آلاف متر مكعب من مياه النيل كانت تذهب إلى مصر المحروسة، ضاربةً عرض الحائط بما يُسمَّى اتفاقيات دول حوض النيل ومن بينها مصر والسودان.

لم تراعِ الصين التقدمية المناضلة حقوق مصر والسودان في مياه النيل، بل كان موقفها مشجعًا لإثيوبيا التي تتحدى مصر بتحريضٍ من الغزاة النازيين اليهود في فلسطين المحتلة، والسادة الأمريكان قادة الاستعمار الصليبي المعاصر!.

الصين التقدمية المناضلة التي تنعم بنفط السودان، وتكاد تستمتع بكعكته وحدها، لم تهتم بمصالح السودان في مياه النيل، ولا موقف الغرب الاستعماري منه، ولم تعبأ بالتالي بمسلمي الإيجور، أشقاء السودانيين وأخوتهم في الدين والإنسانية؟.

لماذا يستخف العالم بالمسلمين، فيذبحهم ويأخذ خاماتهم وأموالهم، ويمارس إذلالهم، ولا يهتم بالعواقب المحتملة؟

لأن المسلمين صاروا كغثاء السيل، بأسهم بينهم شديد، لقد أصبحوا قصعة الأمم، وحق عليهم قول ربنا ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (العنكبوت: من الآية 40).

بقلم: د. حلمي محمد القاعود

ليست هناك تعليقات: